ما هو الكائن الذي يمشي على أربع ثم ثلاثين سنة على رقبة 90 مليون إنسان، ثم في أرذل العمر على سرير.. يا جميل محلاه؟
اكتشف النقاد للغز اوديب جذورا مصرية (اسم مدينة طيبة على سبيل المثال) أما سبب وضع 'الكائن' نظارة سوداء فلعله فقء رمزي للعين على اغتصابه امة من أجمل الأمم في مخدع الازهر، أما لعنة الطاعون فأسوأ منه طاعون الفساد. سأشير إلى التشويش الذي تمارسه 'الشقيقة' إيران على عرب سات؛ الأمر الذي اضطر القناتين الزرقاوين، والوصف لمولانا البوطي، إلى زرع السماء بباقات تردد 'من أولي العزم'، فقناتا العالم والمنار لا تستحقان التشويش لأنهما تشوشان على نفسيهما بتغطية أحداث البحرين، التي تستحق ما تستحقه أخواتها، بوله العاشق. الفروسية أن تنافس 'بلاد فارس' بقنواتها في ساحات الإعلام والحقيقة والحرفية، وليس بالضرب تحت الحزام، وما دمت قد أشرت إلى الركب فسأذكر نوعا آخر من التشويش الذي يمكن أن يمارس في الفضائيات، وهو التشويش الناعم الذي تسببه ترددات ركبتي المذيعة، وهو ما يذكرنا باستقالة ثلاث حسناوات من 'الجزيرة' احتجاجا على التدخل في شؤونهن 'الداخلية'. ولا ادري أيهما أقدس: الشؤون الداخلية للمواطن أم الشؤون الداخلية للدولة، التي تختصر 'بالنظام'؟ وقد صفقت الجماهير يوما لرشيد عساف عند سماعه صراخ بنت من بنات الجيران في مسلسل 'دائرة النار'، فهبّ للتدخل في شأن الجار الداخلي، وهو أجنبي شرعيا واجتماعيا وقانونيا، لإنقاذ البنت من ظلم ولي أمرها.جرندايزر قنديل وهناك أنواع أخرى من التشويش الذكي الذي يسمى 'بالأجندة'، مثل إعراض الجزيرة في 'حديث الثورة' في الحلقة التي حملت عنوان 'موقع المقاومة في ربيع الثورات العربية' عن دعوة إعلامي من حزب الله الذي بات يوصف ظلما بحزب 'اللات والعزى'، بسبب موقفه من الثورة السورية، من غير أن يغضب أي مذيع بمن فيهم موسى العمر، الذي كان يعترض على اهانة الحزب ويثني على انجازاته وصموده، فما ضرّ لو استضافت الجزيرة العندليب غير الأسمر ميخائيل عوض أو معجزة القرن في التحليل السياسي؛ جرندايزر قنديل؟ قناة العربية منحازة أكثر إلى الثورة السورية، بسبب خوفها من كسرى أنو شروان، لكنّ الفضائيات السورية قررت أخيرا انّ قائد الفتنة هو حمد وليس بندر.
نعود إلى إيقونة الفضائيات في الإغراء السيدة هيفا وهبي ونحاول فك لغز تحولها من أنثى عادية تنفعل بابتذال في إعلان معكرونة 'دانا' إلى سوبر أنثى تكسر ظهر الرجال بمطارق عابرة للقارات فيتحطمون لاهثين عند سماع اسمها الرهيب؟ الجواب نراه في صناعة الكاريزما. والكاريزما كلمة عربية، كما يرى علي زيعور، ومعناها الكرامة أو الهيبة. كرم جسد هيفا وهبي مؤثر وسخي في البذل والعطاء.. والجلد من غير سياط أو نبابيت، خاصة إذا لبست 'شبكة' من التي قال فيها الشاعر:
لا يأس من فرج الإِلَه فربّما ... يصل القطوع وَيقدم الغيّاب
تكفلت كاميرات الاناكوندا العاصرة، والأزياء ذات الغلاصم والثقوب السوداء البالعة والسراديب ذات الفحيح، بإرهاب المشاهد بالعنف اللذيذ. صوتها عادي، وجسدها كذلك لكن آلات الضلال البصري المهلكة تكفلت بطحن المشاهد طحنا تحت سنابك الرغبة. وبات عاديا أن ممثلا كحسين فهمي يثني عليها، على الهواء: 'علشان مثيرة أوي' وأن تتصل هند رستم بخليفتها هاتفيا حتى لا نرى أنقاض الإغراء الآفل. أما إذا نطقت وهبي فالجماهير تصفق لها كأنها تقرأ من مجلة لقمان الحكيم. صناعة الكاريزما مثالها في: مسرحية 'سيدتي الجميلة' التي اقتبس عنها أفلام ومسرحيات أشهرها التي مثلها فؤاد المهندس وشويكار.
صناعة كاريزما الزعيم أكثر تركيبا، فإغراء وهبي لا يتطلب سوى 'كشف المستور' بتناوب الظلام والنور، أما كاريزما الزعيم فصناعتها تتم بتزوير المستور، فكثير من الذين رضعوا من أفلام السينما الأمريكية يظنون أن رامبو رجل خارق (الأفلام التي تبثها باقة ام بي سي ليل نهار غايتها؛ الترويج للشخصية الأمريكية الخارقة: بصّوا معي: المرأة القطة، الرجل العنكبوت، سوبرمان، الخارقون الأربعة..). لقد تحول حسني مبارك إلى صاحب أول طلعة حربية على إسرائيل (التي صار كلبها المدلل لاحقا بتعبير بنيامين اليعازر). وغنى له كبار المطربين ودان له ملك مصر ثلاثين عاما. ليس للزعيم منافس وهو ممنوع من الصرف.. الصحي، وتتعطل الحياة في الشوارع إذا خرج للخطاب و'التمثيل'، أما نقده أو شتمه فيعني الخلود في ما وراء البرازخ.
الزعيم لا يمشي إلا على سجاد احمر، وشعره ضد الشيب، ويحصل على ما يريد من غير مصباح سحري. وصناع الكاريزما يدركون انه لا يمكن صيد علي الزيبق إلا بفتنة المرأة، ولهذا أوقعونا في غرام جماعي شامل لهيفا وهبي وغادة عبد الرازق.. ولا بأس بسلوى الكوميديا لتحمل الصيام عن السياسة؛ عادل امام وشعبولا وهنيدي..هيمالايا سورية في الأشهر الأولى الخمسة من الثورة السورية، لم يكن المالح يغير أقواله، ولا يزال. كان يكرر تعبيراته: الحكم الاستبدادي الشمولي وسورية لا تدار بالقوانين وإنما تدار بالأوامر.. تعب مناضلون وانكفأوا وآثروا الاعتزال لمداواة جروحهم الغائرة، مثل رياض سيف، الذي اعلن استقالته من إعلان دمشق، وعارف دليلة الذي اعتكف في قريته.. لكن هيثم المالح الذي بلغ الثمانين حولا، كان لا يزال مستمرا في نطح صخرة الاستبداد الصماء، قال للمحقق الذي طالبه بأن يهاجر إلى أمريكا ليتمتع بالأيام القليلة الباقية من حياته ( في مذكراته لقناة الحوار): أنا وقاسيون توأمان. إلى أن جاء أطفال درعا وزحزحوا الصخرة بجملة سحرية لها مبتدأ وخبرها مؤجل: الشعب يريد إسقاط النظام. فانفتحت مغارة علي بابا عن كنوز الآلام والجراح. وقد ظهر نقيب المحامين على التلفزيون السوري مهددا المالح بمصنفه المهني فلم نتعجب. ها هو المثقف اليهودي نعوم تشومسكي، لا يزال يستقبل على فضائيات عربية، موصوفا بلقب المنشق الحميد، من غير أن يتهمه احد بأنه منحرف أخلاقيا، أو تظهر عائلته على التلفزيونات الأمريكية لتتبرأ منه، وسننتظر ما يجري لياسين عبد اللطيف، الإعلامي والروائي السوري المنشق. أما أهل المالح فقد هاجروا وحرموا أنفسهم من الظهور على التلفزيون السوري الفاضل.
غنى البوعزيزي أغنية الوداع للانتخابات الارتوازية في أربع دول، ويطمع كاتب السطور في عدّاد اسمه 'الأكرم قراءة' بدلا من الأكثر قراءة للقراء أصحاب الفيتو، وأخشى؛ بوعزيزي القارئ، أن أكون قد أخفقت في إقناعك بالقرابة بين البرازيل وايطاليا في مقولة البورظان الشهيرة، أو بين هيفا وهبي وحسني مبارك في دعواي، لكن الأخوة بين الدلاي لاما وبين هيثم افرست المالح (الاسم الثلاثي) هي علاقة نسب وصحبة. المالح هيمالايا سورية تمشي بين السحاب.. على قدمين.كاتب من كوكب الأرض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق