من المفارقة العجيبة أن يصبح أفراد عصابات الإجرام ( الشبيحة ) ؛تلك العصابات الخارجة عن القانون؛ و"التي يعرف السوريون جيدا، خصوصا ؛ الأخوة من أهل الساحل معنى هذا المصطلح"، والتي لا يخفى تاريخ إنشائها، وهدف إنشائها على أي مواطن سوري !! أن يصبحوا من أكثر الأشخاص وطنية وحرصا على امن الوطن، بل إن هذه العصابات أصبحت من المقدسات، ويحرم على أي مواطن سوري أن ينتقد عملها،أو حتى ينتقد أي شخص ينتمي إليها مهما أساء هذا الشخص للوطن أو المواطنين، بل إن من يتجرأ عل ذلك يصنف ضمن الخونة المتآمرين ، ويعاقب بأشد العقوبات مهما كانت مكانة هذا الشخص أيضا......
فكلنا يذكر حادثة الإساءة إلى امن الوطن التي اقترفتها رئيسة تحرير جريدة تشرين السيدة سميرة المسالمة عندما حمَلت هذه العصابات مسؤولية القتل الذي حدث في درعا بعد أن سمعت الحقيقة من أقاربها الذين عاينوا القتل بأعينهم لا بأسماعهم كما تعودت هي أن تسمع به من خلال مراسلي الجريدة أو من خلال التلفزيون السوري .
هذه السيدة التي عٌينت من قبل النظام في مركز حساس كرئيسة تحرير جريدة تشرين ،مما لا شك فيه أنها كانت تحسب على هذا النظام ولدرجة كبيرة بحكم هذا المركز، لم تستطع بعد أن عاينت مقدار الغبن الذي وقع فيه الشعب السوري من قبل نظامه الممانع أن تردد ما يقوله أبواق النفاق والكذب بل إن عقلها "المندس" المنسجم مع الفطرة البعيدة عن الانحراف صدح بالحق وقال الحقيقة الظاهرة التي لا تخفى عن أي مواطن سوري موالي أو" مندس".
قالت بان من يقتل الناس في درعا هم قوات الأمن أو هم على الأقل المسئولين عن القتل فكان عقابها على تهديدها امن الوطن بهذه الطريقة (امن الشبيحة) أن أقيلت من منصبها .
وكذلك حدث مع الفنانين الذين عبروا عن أراء لا تسبِح بحمد الشبيحة الذين قتلوا الأطفال في درعا ومنعوا عنهم الحليب وقطعوا الكهرباء عن المشافي وإمدادات الغذاء عن الأهالي لمدة أسبوع كامل كان لهم نصيبهم من التخوين والاتهامات بالعمالة، وغير هذا من الأمثلة الكثير.... .
كما أني أنا كاتب هذه السطور تعرضت لذات الاتهامات وبنفس الطريقة وذلك لأني اقترفت أعمال الخيانة عندما قلت إن من يقتل الناس في درعا هم الشبيحة وقوات الأمن كما أني انتقدت طريقة كلام احد المحسوبين على اللجان الشعبية حيث كان يمارس نوعا من الكذب الفاحش الذي لا يحترم عقل السوريين.
واليكم هذه القصة:
أنا طبيب مقيم قيد الاختصاص في مشافي وزارة الدفاع في سنتي الثالثة لم أكن يوما على علاقة مع العدو الصهيوني الغاشم ولا حتى صرحت يوما بحب اميريكا ولكني كنت مواطنا سوريا عاديا وعلى الرغم من انتمائي إلى صفوف حزب البعث بطريقة أو بأخرى كنت ابتعد عن السياسة كبعدي عن المحرمات كما يفعل العديد من أبناء بلدي المقهورين منذ ولادتهم بصرخات الولاء وهتافات الفداء للأب القائد والابن من بعده
ولكن ما أن بدا الربيع العربي وتفجرت ثورة الكرامة في سوريا حتى أنعشت في قلوبنا نحن السوريين الأمل بالتغيير وأصبح يراود كل السوريين حلم الإنعتاق من قيد الظلم هذا الحلم الذي طالما اعتبره أصحاب القصور كابوسا مفزعا اعدوا العدة للتخلص منه بكل وسائلهم، الإجرامية منها، وغير الإجرامية ..
ومع انطلاق الاحتجاجات في بلدي درعا حتى بدأت وسائل الإعلام العالمي تتناقل الخبر وتتحدث عن القتلى والجرحى والاعتقالات وأنا بين مصدق ومكذب لما اسمع بحكم تواجدي في دمشق أولا ونتيجة لما كنت اسمع من التلفزيون السوري ثانيا حتى قمت بزيارة لأهلي في درعا وكان قد مر على بداية الأحداث ثلاثة أسابيع تقريبا لأرى واسمع الخبر اليقين الذي يتجسد بالتالي:
أن الشعب السوري أو على الأقل أهل درعا في هذه المرحلة عازم على تحقيق الحلم سالف الذكر.
وتصادف تواجدي في درعا على ما اذكر مع جمعة الغضب التي سبقها حصار الجيش لدرعا طوال أسبوع دامي تخلله قتل واعتقال وقطع الكهرباء والماء والاتصالات والترهيب والاهانات التي لم يكن لأهل درعا أن يقبلوها أو يحتملوها .
وفي تلك الجمعة خرجت جميع القرى التي تقع غرب درعا بمسيرة سلمية لفك الحصار عن درعا وكنت من بين الجموع التي خرجت سيرا على الأقدام تحمل أغصان الزيتون ولم يكن احد من الأهالي يحمل عصا أو سكينا .وقدرت أعدادهم ب15 ألف
كانت الساعة حوالي الثالثة من بعد الظهر عندما وصلنا إلى بلدة اليادودة التي تبعد حوالي 3 كم عن أول حاجز عسكري وضع على أبواب المدينة المحاصرة وفوجئنا بمن يخبرنا ممن حولنا إن مراسل قناة الجزيرة جاء متسللا عن طريق الحدود الأردنية ليكون شاهدا على ما يحدث في درعا ورأينا ذلك المراسل يحمل كاميرا تلفزيونية ويراقب الحشد عن قرب بعدسته ولم يفكر احد منا بهوية المراسل المزعوم .
استمر الناس بالسير وهم يهتفون بالحرية والعدالة وفك الحصار عن درعا وكنا قد اقتربنا من الحاجز الذي صنعه الجيش كان يفصلني عن بداية المظاهرة ما يقرب من 150 متر عندما سمعنا أصوات الرصاص بدا يطلق بشكل جنوني بل هستيري وبدا سقوط القتلى والجرحى ومع ذلك بقي الناس في أماكنهم إلا الذين تبرعوا لإسعاف الجرحى وحمل الشهداء
من الشباب من بدا بترديد الشهادتين وهو يسير باتجاه الحاجز، كنا نتبعهم،حتى رأينا بين حقول القمح عددا ممن يرتدون زي الجيش وهم أول من أطلقوا الرصاص وعندما شوهدوا انهمر الرصاص أكثر حتى بدا الناس بالفرار من القتل فتراجعنا قليلا ومع استمرار الرصاص سقط بجواري احد الجرحى، أشار إلى الناحية العلوية اليسرى من صدره فكشفت قميصه وإذا برصاصة اخترقت صدره من المنطقة المذكورة وخرجت من تحت إبطه، حملته أنا وشخص آخر إلى سيارة تطوع صاحبها لنقله وانطلقنا به إلى إحدى المشافي المجاورة وكان طوال الطريق يردد الشهادة ويحمد الله أن رزقه إياها .
وما أن وصلنا حتى راعني منظر الجرحى والشهداء على الأرض كانت المشفى بوضع هستري لا يطاق، صراخ في كل مكان، جثث الشهداء ملقاة على الأرض، والأهالي بحالة ذعر يفتشون عن قتلاهم ، بينما صاحبنا المراسل كان قد سبقنا إلى هناك ذلك المراسل الذي اكتشفنا فيما بعد انه من المخابرات كان يصور كل من شارك في المظاهرة باستخدام كاميرا تلفزيونية .. أدخلت رفيقي الجريح إلى قسم الأشعة لآخذ صورة لصدره مكان الجرح وطلبت منه أن ينتظر معا اخوه" الذي كنا قد أعلمناه فأتى مسرعا" حتى يتم تحميض الصورة .
بعد دقائق قليلة خرجت الصورة وكان من الضروري أن يجرى له تفجير صدر بحثت عن جريحنا الشهيد فوجدته قد هرب مع اخوه خوفا من قوات الأمن أن تأتي وتختطفه أو تجهز علية ومثله فعل الكثير ولم اعلم إن كان عاش أو استشهد، وكان عدد الذين استشهدوا ممن خرجنا بصحبتهم ذلك اليوم فقط هو 27 شهيد وهذا ما رأيت بعيني ولم يخبرني به احد...
عدت في نهاية اليوم إلى بيتي بأشد أنواع الأسى والإحباط.... هل من المعقول أن يقتل إنسان عاقل ابن بلده لا لشيء إلا لأنه أراد أن يعيش بكرامة؟ أراد أن يكون إنسانا كغيره من الناس في هذا الوجود............... لماذا هذا الاستهتار بدماء السورين إلى هذا الحد ؟
انتهت إجازتي فحزمت أغراضي وعدت إلى دمشق وفي صباح اليوم التالي ذهبت كالعادة إلى المشفى حيث اعمل وتفا جئت بأحد الزملاء يسألني عن سبب سقوط ما يقرب من 27 شهيد في تلك المنطقة من درعا ذلك اليوم فأجبت وأنا من عاين لا من سمع في لحظة غابت فيها عن ذهني كل الاعتبارات الطائفية أو على الأقل تلك التبعية العمياء لمن يدعي انه يحكم باسم الطائفة ولكن لم يغب في تلك اللحظة عن ذهني معنى الصداقة الممتدة لسنوات أجبت: قوات الأمن .... فكان جوابي كالصاعقة على زميلي الطبيب الشبيح فثارت ثائرته ثم تظاهر فيما كما لو انه لم يسمع ما قلت ..... وما هي إلا لحظات حتى تكرر الموقف مع (طبيب) آخر ولكن هنا كانت المشكلة في عقلية .هذا .الطبيب..(الشبيح). من المحسوبين على اللجان الشعبية الذين يمتازون بعقولهم الخاوية من كل ما يرتجى فيه الخير ولكنهم يمتازون بأنهم يستطيعون أن يصنفوا الشعب السوري بين خونة ووطنين.
هذا الطبيب السوبر مان جاء في ذلك الصباح ليتحفنا بمغامرات ليلته الفائتة بملاحقة العصابات المسلحة التي اكتسبت بعدا هوليووديا في زمن الإعلام التلفزيوني الدنيوي اقصد (طبعا قناة الدنيا ) .... فهو كما يدعي انه في الليلة السابقة أي ليلة الجمعة السبت اكتشفوا عصابة مسلحة في حي المزة86 بدمشق !!!!!! لا يخفى على احد في مدينة دمشق طبعا تركيبة هذا الحي المكونة من عائلات اغلب المنتمين إلى الأجهزة الأمنية........."""""هل يعقل لمن يحمل السلاح بصورة غير شرعية
أن يختار هذا الحي للتواري""""" تابع هذا الطبيب السوبرمان أن هذه العصابة المسلحة المندسة التكفيرية ...... الخ كانت تحمل أسلحة متوسطة وخفيفة من رشاشات وقاذفات ار. ب .ج وسيارات دفع رباعي وأجهزة اتصال متطورة . ثم مع كل هذا هجم عليهم مع زملائه عراة الأيدي واعتقلوهم وسلموهم للمخابرات ... فكدت أن افقد عقلي وأنا من رأيت بالأمس ما حدث في درعا عيانا فقلت لذلك السوبرمان.... الم تجدوا معهم رؤوس نووية!!!!!!!
فاختلطت ألوان وجهه المختلفة .... حنقا لأنه كان يتصور نفسه يحمل رسالة كتاب المخابرات المقدس بان كلامه كما أوامرهم لا تقبل النقاش أو النقد فاجتمع في جعبة الزملاء ما يكفي لإدانتي بالجرم العظيم.
وصلت تفاصيل هاتين الحادثتين لأحد الأطباء الضباط الذي طالما ناصبني العداء لأسباب كنت اجهلها إلى زمن ليس ببعيد ،ثم لم تغب عشرة أيام حتى وجدت نفسي مدعوا بشكل عاجل وبدون سابق إنذار ،وبدون أن يعلم احد من المسئولين عني في العمل صغيرا كان أم كبيرا عن السبب .
اخبرني من سلمني الدعوة عن وجهتي الفرع.................... في كفرسوسة .
بت تلك الليلة أراجع الجرائم التي ارتكبتها طوال عمري فلم أجد ما يستدعي أن استدعى لأجله بهذه الطريقة الغامضة
ولم يخطر ببالي حادثة الاعتداء على امن الوطن تلك.
في اليوم التالي وصلت إلى ذلك الفرع وبعد أن عزلوني عن كل ما هو حي أجلسوني في غرفة أثاثها بسيط لمدة ساعتين تخللها كتابة ما يعرف عندنا في سوريا بالنشرة الأمنية . وبعد ذلك اخبروني أني ساقا بل العميد رئيس الفرع فقلت في نفسي أزفت الآزفة .
دخلنا إلى مكتب رئيس الفرع ذو الأثاث الفخم جدا ثم طلب مني دون أن يرد تحيتي: الجلوس فجلست ، ثم اخبرني بما قلته يوما بالحرف واتهمني باني استهزأ بقوات الأمن واللجان الشعبية ، ثم سألني بصيغة الذي لا ينتظر جوابا هل من المعقول أن تقتل قوات الأمن المتظاهرين العزل الأبرياء!!!!! آو أن تقتل احد عناصرها!!!!!!!!!! ، ثم اخبرني بطريقة الخائف جدا !!!!!!على مستقبلي """"" احسنلك يادكتور إياد خليك بشغلك ودير بالك على مستقبلك """""" ثم استدرك"""""" ماني عم هددك ها """""
وقال لي:"" أنت لو ما كنت ثقة ما كنا حطيناك بهالمكان """"على الرغم من أن ما خولني لذلك هو معدل نجاحي لا الواسطة كما يعتقد هو.وكان يكرر "" احلف عنك انك كنت تشترك بالمظاهرات """ وقال"" بكرة بيطلع قانون التظاهر ويتطلعوا كلكن أهل درعا كاتبين مطالبكن على لافتات ويتطلعوا على التلفزيون"""
بعد ذلك انتهت المقابلة بسبب ورود اتصال مهم بعد أن طلب مني أن انتبه لكلامي في هذه المرحلة .
عندها ظننت أن الأمر انتهى عند هذا الحد، حتى طلب مني احدهم أن آتي معه إلى التحقيق أو الدردشة كما سماها هو وكان ضابط برتبة اقل وقال لي""" أنا بدي دردش معك يعني أنت مثقف ومنتسب لحزب البعث """"
طوال فترة التحقيق أو الدردشة التي استمرت حوالي ثلاث ساعات ونصف وهو يحاول أن يجد ما يدينني وفق ما يحب هو ،،كما اجتهد ليفهمني بأسلوب تخويني أن ما يفعله أهل درعا ما هو إلا بتوجيه من إسرائيل عن طريق سعد الحريري لإسقاط النظام!!!!!فسبحان من جعل من سعد الحريري قادرا على إسقاط أنظمة وإقامة أخرى ولكن الأمر كما قال نزار قباني الله........الله ... يا زمان !!
انتهت جلس الدردشة بتعهدي تحمل أقسى العقوبات في حال ثبت علي سخريتي من قوات الأمن (الشبيحة).
عدت في اليوم التالي إلى عملي الذي استمر حوالي عشرة أيام لأفاجئ بعدها بقرار فصلي من قبل وزير الدفاع شخصيا وتبرير الوزير كان لضرورة الأمن ويفهم من هذا التبرير طبعا أني كنت أشكل خطرا على الجيش لذلك لا يحق لي الاعتراض على القرار أو حتى التظلم لدى الوزير لاستجلاء الأسباب الحقيقية ....... والتي كما أراها لا تتعدى أني قلت الحقيقة الواضحة كعين الشمس ولكنهم يريدون من الشعب السوري أن يكذب ويصدق كذبهم إلى الأبد..
هل من المعقول أن يهدد ما قلته امن الجيش والوطن ويستدعي تدخل وزير الدفاع لفصلي أم انه يهدد امن الشبيحة والتافهين ممن يتبعون نفس الأسلوب التشبيحي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من اعتبارات ،ذلك الأسلوب الذي يتناسى دوما أن الشعب السوري تجاوز بمئات القرون مرحلة الجمع والالتقاط من مراحل التطور البشري والتي لا يزال نظامنا يعيش فيها إلى اليوم...
فكلنا يذكر حادثة الإساءة إلى امن الوطن التي اقترفتها رئيسة تحرير جريدة تشرين السيدة سميرة المسالمة عندما حمَلت هذه العصابات مسؤولية القتل الذي حدث في درعا بعد أن سمعت الحقيقة من أقاربها الذين عاينوا القتل بأعينهم لا بأسماعهم كما تعودت هي أن تسمع به من خلال مراسلي الجريدة أو من خلال التلفزيون السوري .
هذه السيدة التي عٌينت من قبل النظام في مركز حساس كرئيسة تحرير جريدة تشرين ،مما لا شك فيه أنها كانت تحسب على هذا النظام ولدرجة كبيرة بحكم هذا المركز، لم تستطع بعد أن عاينت مقدار الغبن الذي وقع فيه الشعب السوري من قبل نظامه الممانع أن تردد ما يقوله أبواق النفاق والكذب بل إن عقلها "المندس" المنسجم مع الفطرة البعيدة عن الانحراف صدح بالحق وقال الحقيقة الظاهرة التي لا تخفى عن أي مواطن سوري موالي أو" مندس".
قالت بان من يقتل الناس في درعا هم قوات الأمن أو هم على الأقل المسئولين عن القتل فكان عقابها على تهديدها امن الوطن بهذه الطريقة (امن الشبيحة) أن أقيلت من منصبها .
وكذلك حدث مع الفنانين الذين عبروا عن أراء لا تسبِح بحمد الشبيحة الذين قتلوا الأطفال في درعا ومنعوا عنهم الحليب وقطعوا الكهرباء عن المشافي وإمدادات الغذاء عن الأهالي لمدة أسبوع كامل كان لهم نصيبهم من التخوين والاتهامات بالعمالة، وغير هذا من الأمثلة الكثير.... .
كما أني أنا كاتب هذه السطور تعرضت لذات الاتهامات وبنفس الطريقة وذلك لأني اقترفت أعمال الخيانة عندما قلت إن من يقتل الناس في درعا هم الشبيحة وقوات الأمن كما أني انتقدت طريقة كلام احد المحسوبين على اللجان الشعبية حيث كان يمارس نوعا من الكذب الفاحش الذي لا يحترم عقل السوريين.
واليكم هذه القصة:
أنا طبيب مقيم قيد الاختصاص في مشافي وزارة الدفاع في سنتي الثالثة لم أكن يوما على علاقة مع العدو الصهيوني الغاشم ولا حتى صرحت يوما بحب اميريكا ولكني كنت مواطنا سوريا عاديا وعلى الرغم من انتمائي إلى صفوف حزب البعث بطريقة أو بأخرى كنت ابتعد عن السياسة كبعدي عن المحرمات كما يفعل العديد من أبناء بلدي المقهورين منذ ولادتهم بصرخات الولاء وهتافات الفداء للأب القائد والابن من بعده
ولكن ما أن بدا الربيع العربي وتفجرت ثورة الكرامة في سوريا حتى أنعشت في قلوبنا نحن السوريين الأمل بالتغيير وأصبح يراود كل السوريين حلم الإنعتاق من قيد الظلم هذا الحلم الذي طالما اعتبره أصحاب القصور كابوسا مفزعا اعدوا العدة للتخلص منه بكل وسائلهم، الإجرامية منها، وغير الإجرامية ..
ومع انطلاق الاحتجاجات في بلدي درعا حتى بدأت وسائل الإعلام العالمي تتناقل الخبر وتتحدث عن القتلى والجرحى والاعتقالات وأنا بين مصدق ومكذب لما اسمع بحكم تواجدي في دمشق أولا ونتيجة لما كنت اسمع من التلفزيون السوري ثانيا حتى قمت بزيارة لأهلي في درعا وكان قد مر على بداية الأحداث ثلاثة أسابيع تقريبا لأرى واسمع الخبر اليقين الذي يتجسد بالتالي:
أن الشعب السوري أو على الأقل أهل درعا في هذه المرحلة عازم على تحقيق الحلم سالف الذكر.
وتصادف تواجدي في درعا على ما اذكر مع جمعة الغضب التي سبقها حصار الجيش لدرعا طوال أسبوع دامي تخلله قتل واعتقال وقطع الكهرباء والماء والاتصالات والترهيب والاهانات التي لم يكن لأهل درعا أن يقبلوها أو يحتملوها .
وفي تلك الجمعة خرجت جميع القرى التي تقع غرب درعا بمسيرة سلمية لفك الحصار عن درعا وكنت من بين الجموع التي خرجت سيرا على الأقدام تحمل أغصان الزيتون ولم يكن احد من الأهالي يحمل عصا أو سكينا .وقدرت أعدادهم ب15 ألف
كانت الساعة حوالي الثالثة من بعد الظهر عندما وصلنا إلى بلدة اليادودة التي تبعد حوالي 3 كم عن أول حاجز عسكري وضع على أبواب المدينة المحاصرة وفوجئنا بمن يخبرنا ممن حولنا إن مراسل قناة الجزيرة جاء متسللا عن طريق الحدود الأردنية ليكون شاهدا على ما يحدث في درعا ورأينا ذلك المراسل يحمل كاميرا تلفزيونية ويراقب الحشد عن قرب بعدسته ولم يفكر احد منا بهوية المراسل المزعوم .
استمر الناس بالسير وهم يهتفون بالحرية والعدالة وفك الحصار عن درعا وكنا قد اقتربنا من الحاجز الذي صنعه الجيش كان يفصلني عن بداية المظاهرة ما يقرب من 150 متر عندما سمعنا أصوات الرصاص بدا يطلق بشكل جنوني بل هستيري وبدا سقوط القتلى والجرحى ومع ذلك بقي الناس في أماكنهم إلا الذين تبرعوا لإسعاف الجرحى وحمل الشهداء
من الشباب من بدا بترديد الشهادتين وهو يسير باتجاه الحاجز، كنا نتبعهم،حتى رأينا بين حقول القمح عددا ممن يرتدون زي الجيش وهم أول من أطلقوا الرصاص وعندما شوهدوا انهمر الرصاص أكثر حتى بدا الناس بالفرار من القتل فتراجعنا قليلا ومع استمرار الرصاص سقط بجواري احد الجرحى، أشار إلى الناحية العلوية اليسرى من صدره فكشفت قميصه وإذا برصاصة اخترقت صدره من المنطقة المذكورة وخرجت من تحت إبطه، حملته أنا وشخص آخر إلى سيارة تطوع صاحبها لنقله وانطلقنا به إلى إحدى المشافي المجاورة وكان طوال الطريق يردد الشهادة ويحمد الله أن رزقه إياها .
وما أن وصلنا حتى راعني منظر الجرحى والشهداء على الأرض كانت المشفى بوضع هستري لا يطاق، صراخ في كل مكان، جثث الشهداء ملقاة على الأرض، والأهالي بحالة ذعر يفتشون عن قتلاهم ، بينما صاحبنا المراسل كان قد سبقنا إلى هناك ذلك المراسل الذي اكتشفنا فيما بعد انه من المخابرات كان يصور كل من شارك في المظاهرة باستخدام كاميرا تلفزيونية .. أدخلت رفيقي الجريح إلى قسم الأشعة لآخذ صورة لصدره مكان الجرح وطلبت منه أن ينتظر معا اخوه" الذي كنا قد أعلمناه فأتى مسرعا" حتى يتم تحميض الصورة .
بعد دقائق قليلة خرجت الصورة وكان من الضروري أن يجرى له تفجير صدر بحثت عن جريحنا الشهيد فوجدته قد هرب مع اخوه خوفا من قوات الأمن أن تأتي وتختطفه أو تجهز علية ومثله فعل الكثير ولم اعلم إن كان عاش أو استشهد، وكان عدد الذين استشهدوا ممن خرجنا بصحبتهم ذلك اليوم فقط هو 27 شهيد وهذا ما رأيت بعيني ولم يخبرني به احد...
عدت في نهاية اليوم إلى بيتي بأشد أنواع الأسى والإحباط.... هل من المعقول أن يقتل إنسان عاقل ابن بلده لا لشيء إلا لأنه أراد أن يعيش بكرامة؟ أراد أن يكون إنسانا كغيره من الناس في هذا الوجود............... لماذا هذا الاستهتار بدماء السورين إلى هذا الحد ؟
انتهت إجازتي فحزمت أغراضي وعدت إلى دمشق وفي صباح اليوم التالي ذهبت كالعادة إلى المشفى حيث اعمل وتفا جئت بأحد الزملاء يسألني عن سبب سقوط ما يقرب من 27 شهيد في تلك المنطقة من درعا ذلك اليوم فأجبت وأنا من عاين لا من سمع في لحظة غابت فيها عن ذهني كل الاعتبارات الطائفية أو على الأقل تلك التبعية العمياء لمن يدعي انه يحكم باسم الطائفة ولكن لم يغب في تلك اللحظة عن ذهني معنى الصداقة الممتدة لسنوات أجبت: قوات الأمن .... فكان جوابي كالصاعقة على زميلي الطبيب الشبيح فثارت ثائرته ثم تظاهر فيما كما لو انه لم يسمع ما قلت ..... وما هي إلا لحظات حتى تكرر الموقف مع (طبيب) آخر ولكن هنا كانت المشكلة في عقلية .هذا .الطبيب..(الشبيح). من المحسوبين على اللجان الشعبية الذين يمتازون بعقولهم الخاوية من كل ما يرتجى فيه الخير ولكنهم يمتازون بأنهم يستطيعون أن يصنفوا الشعب السوري بين خونة ووطنين.
هذا الطبيب السوبر مان جاء في ذلك الصباح ليتحفنا بمغامرات ليلته الفائتة بملاحقة العصابات المسلحة التي اكتسبت بعدا هوليووديا في زمن الإعلام التلفزيوني الدنيوي اقصد (طبعا قناة الدنيا ) .... فهو كما يدعي انه في الليلة السابقة أي ليلة الجمعة السبت اكتشفوا عصابة مسلحة في حي المزة86 بدمشق !!!!!! لا يخفى على احد في مدينة دمشق طبعا تركيبة هذا الحي المكونة من عائلات اغلب المنتمين إلى الأجهزة الأمنية........."""""هل يعقل لمن يحمل السلاح بصورة غير شرعية
أن يختار هذا الحي للتواري""""" تابع هذا الطبيب السوبرمان أن هذه العصابة المسلحة المندسة التكفيرية ...... الخ كانت تحمل أسلحة متوسطة وخفيفة من رشاشات وقاذفات ار. ب .ج وسيارات دفع رباعي وأجهزة اتصال متطورة . ثم مع كل هذا هجم عليهم مع زملائه عراة الأيدي واعتقلوهم وسلموهم للمخابرات ... فكدت أن افقد عقلي وأنا من رأيت بالأمس ما حدث في درعا عيانا فقلت لذلك السوبرمان.... الم تجدوا معهم رؤوس نووية!!!!!!!
فاختلطت ألوان وجهه المختلفة .... حنقا لأنه كان يتصور نفسه يحمل رسالة كتاب المخابرات المقدس بان كلامه كما أوامرهم لا تقبل النقاش أو النقد فاجتمع في جعبة الزملاء ما يكفي لإدانتي بالجرم العظيم.
وصلت تفاصيل هاتين الحادثتين لأحد الأطباء الضباط الذي طالما ناصبني العداء لأسباب كنت اجهلها إلى زمن ليس ببعيد ،ثم لم تغب عشرة أيام حتى وجدت نفسي مدعوا بشكل عاجل وبدون سابق إنذار ،وبدون أن يعلم احد من المسئولين عني في العمل صغيرا كان أم كبيرا عن السبب .
اخبرني من سلمني الدعوة عن وجهتي الفرع.................... في كفرسوسة .
بت تلك الليلة أراجع الجرائم التي ارتكبتها طوال عمري فلم أجد ما يستدعي أن استدعى لأجله بهذه الطريقة الغامضة
ولم يخطر ببالي حادثة الاعتداء على امن الوطن تلك.
في اليوم التالي وصلت إلى ذلك الفرع وبعد أن عزلوني عن كل ما هو حي أجلسوني في غرفة أثاثها بسيط لمدة ساعتين تخللها كتابة ما يعرف عندنا في سوريا بالنشرة الأمنية . وبعد ذلك اخبروني أني ساقا بل العميد رئيس الفرع فقلت في نفسي أزفت الآزفة .
دخلنا إلى مكتب رئيس الفرع ذو الأثاث الفخم جدا ثم طلب مني دون أن يرد تحيتي: الجلوس فجلست ، ثم اخبرني بما قلته يوما بالحرف واتهمني باني استهزأ بقوات الأمن واللجان الشعبية ، ثم سألني بصيغة الذي لا ينتظر جوابا هل من المعقول أن تقتل قوات الأمن المتظاهرين العزل الأبرياء!!!!! آو أن تقتل احد عناصرها!!!!!!!!!! ، ثم اخبرني بطريقة الخائف جدا !!!!!!على مستقبلي """"" احسنلك يادكتور إياد خليك بشغلك ودير بالك على مستقبلك """""" ثم استدرك"""""" ماني عم هددك ها """""
وقال لي:"" أنت لو ما كنت ثقة ما كنا حطيناك بهالمكان """"على الرغم من أن ما خولني لذلك هو معدل نجاحي لا الواسطة كما يعتقد هو.وكان يكرر "" احلف عنك انك كنت تشترك بالمظاهرات """ وقال"" بكرة بيطلع قانون التظاهر ويتطلعوا كلكن أهل درعا كاتبين مطالبكن على لافتات ويتطلعوا على التلفزيون"""
بعد ذلك انتهت المقابلة بسبب ورود اتصال مهم بعد أن طلب مني أن انتبه لكلامي في هذه المرحلة .
عندها ظننت أن الأمر انتهى عند هذا الحد، حتى طلب مني احدهم أن آتي معه إلى التحقيق أو الدردشة كما سماها هو وكان ضابط برتبة اقل وقال لي""" أنا بدي دردش معك يعني أنت مثقف ومنتسب لحزب البعث """"
طوال فترة التحقيق أو الدردشة التي استمرت حوالي ثلاث ساعات ونصف وهو يحاول أن يجد ما يدينني وفق ما يحب هو ،،كما اجتهد ليفهمني بأسلوب تخويني أن ما يفعله أهل درعا ما هو إلا بتوجيه من إسرائيل عن طريق سعد الحريري لإسقاط النظام!!!!!فسبحان من جعل من سعد الحريري قادرا على إسقاط أنظمة وإقامة أخرى ولكن الأمر كما قال نزار قباني الله........الله ... يا زمان !!
انتهت جلس الدردشة بتعهدي تحمل أقسى العقوبات في حال ثبت علي سخريتي من قوات الأمن (الشبيحة).
عدت في اليوم التالي إلى عملي الذي استمر حوالي عشرة أيام لأفاجئ بعدها بقرار فصلي من قبل وزير الدفاع شخصيا وتبرير الوزير كان لضرورة الأمن ويفهم من هذا التبرير طبعا أني كنت أشكل خطرا على الجيش لذلك لا يحق لي الاعتراض على القرار أو حتى التظلم لدى الوزير لاستجلاء الأسباب الحقيقية ....... والتي كما أراها لا تتعدى أني قلت الحقيقة الواضحة كعين الشمس ولكنهم يريدون من الشعب السوري أن يكذب ويصدق كذبهم إلى الأبد..
هل من المعقول أن يهدد ما قلته امن الجيش والوطن ويستدعي تدخل وزير الدفاع لفصلي أم انه يهدد امن الشبيحة والتافهين ممن يتبعون نفس الأسلوب التشبيحي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من اعتبارات ،ذلك الأسلوب الذي يتناسى دوما أن الشعب السوري تجاوز بمئات القرون مرحلة الجمع والالتقاط من مراحل التطور البشري والتي لا يزال نظامنا يعيش فيها إلى اليوم...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق